لم يظهر الاقتصاد الياباني سوى علامة ضئيلة على انتعاش واضح مع انكماشه أقل من التقديرات الأولية، تاركا مبررات كثيرة لاستمرار أخذ الحذر بين صانعي السياسة، فيما يتطلع بنك اليابان إلى توقيت رفع أسعار الفائدة التالي.
انكمش الناتج المحلي الإجمالي بوتيرة سنوية 1.8 % في الأشهر الثلاثة حتى مارس، حسبما ذكر مكتب مجلس الوزراء يوم الإثنين، مقارنة بتراجع 2 % أبلغ عنه في البيانات الأولية. وكان الاقتصاديون يتوقعون عدم تغير الأرقام المحدثة.
وأظهرت البيانات أن المستهلكين والشركات يقللون من الإنفاق وأن الإمدادات غير المباعة تتراكم على أرفف المستودعات، مع استمرار أقوى تضخم منذ عقود في تقليص النفقات بالقيمة الحقيقية.
قال تورو سوهيرو، الخبير الاقتصادي في دايوا سيكيوريتيز: “أكدت البيانات ضعفا في الاستهلاك. يظهر التحليل أن الإنفاق على السلع المعمرة كان ضعيفا، وهو يوضح تأثير مشكلة دايهاتسو على مشتريات السيارات”. أضاف: “ليس أمام بنك اليابان خيار سوى توخي الحذر بشأن الاقتصاد.”
بقيت بيانات الاستهلاك الشخصي دون تغيير عند ناقص 0.7 %، مسجلة انخفاضها للربع الرابع على التوالي، في حين تم تعديل أرقام الإنفاق التجاري إلى ناقص 0.4 %، مقارنة بتقدير أولي يشير إلى انخفاض بنسبة 0.8 %. أسهمت المخزونات بـ 0.3 نقطة مئوية في النمو، في حين تم تعديل صافي الصادرات ليوضح ضغطا أكبر قليلا على الاقتصاد.
يعد الاستهلاك الضعيف مصدر قلق للحكومة وبنك اليابان في وقت تبحث فيه السلطات عن مؤشرات تدل على أن بإمكان الطلب تحمل التضخم المستمر. ويتوقع اقتصاديون أن يبقي البنك المركزي على سعر الفائدة القياسي ثابتا في اجتماع يستمر يومين ويختتم يوم الجمعة، ويتوقع كثيرون رفعه بحلول أكتوبر.
وتشير توقعات عديدة إلى انتعاش النمو في الربع الحالي مع تعافي الاقتصاد من آثار العوامل غير المتكررة، كزلزال يوم رأس السنة الجديدة شمال غرب طوكيو وفضيحة شهادات أدت إلى توقف إنتاج السيارات الذي عاد لاحقا إلى مستوياته.
ستكون بيانات الناتج المحلي الإجمالي القوية للربع الثاني، المقرر صدورها مبدئيا في أغسطس، تطورا إيجابيا لرئيس الوزراء، فوميو كيشيدا، الذي يتعين عليه الفوز في المنافسة المقبلة على قيادة الحزب الحاكم في سبتمبر للبقاء في السلطة.
ومن بين المخاطر التي تهدد التوقعات، أن تشهد الأسر ارتفاعا في تكاليف المرافق مع إلغاء الحكومة للدعم تدريجيا. وسيحصل عديد من الأسر على مساعدة في شكل خصومات ضريبية تقدم مرة واحدة بدءا من يونيو. ويأمل كيشيدا أن يساعد هذا الإجراء على القضاء على العقلية الانكماشية في البلاد.
لكن يتوقع محللون أن تتحول الأجور الحقيقية المعدلة حسب التضخم إلى إيجابية في الأشهر المقبلة بعد أن أسفرت محادثات الأجور السنوية عن تعهدات من الشركات الكبيرة برفع الأجور أكثر من 5 %.
ومن المرجح أن يناقش بنك اليابان تخفيض مشترياته من السندات الحكومية هذا الأسبوع، فيما يواصل تطبيع سياسته بعد رفع أسعار الفائدة التاريخي في مارس.
قال شومبي جوتو، الباحث في معهد اليابان للأبحاث: “من الصعب على بنك اليابان رفع أسعار الفائدة بشكل كبير، نظرا للضعف الحالي في الطلب المحلي”، مشيرا إلى أن “ضعف الين رفع أسعار المواد الغذائية والسلع غير المعمرة، وهذا أدى إلى خفض الإنفاق الاستهلاكي، لذلك يحتمل أن يغير بنك اليابان مساره قليلا”.
ومع تصاعد الضجة حول ضعف الين بين الشركات، أنفقت اليابان رقما قياسيا بلغ 9.8 تريليون ين (62.8 مليار دولار) لدعم عملتها هذا العام.
ويتوقع بنك اليابان حاليا أن يستمر التضخم الناتج عن ارتفاع التكاليف في التراجع وأن يتحول إلى تضخم ناتج عن زيادة الأسعار المدفوعة بالطلب. وقال المحافظ، كازو أويدا، إن البنك المركزي سينظر في اتخاذ إجراءات إذا كان لتحركات الصرف الأجنبي تأثير كبير على اتجاه التضخم.