يتجه الصينيون إلى شراء الذهب للتحوط من المخاطر وسط شكوك حول الاقتصاد الصيني الذي يواجه أزمة عقارات، وتقلبات في الأسهم، ورياحا جيوسياسية معاكسة، وتحديات ديموغرافية.
يظهر الاتجاه وفقا لـ “بزنس إنسايدر” أن مع المستهلكين الصينيين أموال، لكنهم ليسوا حريصين على تبذير ما جنوه بشق الأنفس في ستاربكس أو جوتشي.
قال راجيف بيسواس، خبير اقتصادي ومؤلف كتاب “الاتجاهات الآسيوية الكبرى”، مع مواجهة الصين شيخوخة سكانية سريعة، تحاول الأسر زيادة مدخراتها التقاعدية في وقت تشهد فيه سوق العقارات وسوق الأسهم حالة من الضعف.
في العام الماضي ارتفع طلب الصين على الحلي الذهبية 10 %، إلى 630 طنا، مقارنة بعام 2022، ما جعلها أكبر مشتر للمعدن النفيس في العالم، وفقا لمجلس الذهب العالمي. ورغم ارتفاع أسعار الذهب وتراجع طلب الصين على الحلي الذهبية في الربع الأول من هذا العام، إلا أن الطلب لا يزال صامدا.
وعلى العكس، لم يعد المستهلكون الصينيون مهتمين بالواردات الأجنبية. وهذه مشكلة، خاصة لتجار السلع الفاخرة، حيث أسهم طلب الصين في تغذية النمو الفائق في الصناعة لسنوات. كان المتسوقون الصينيون مسؤولين عن نحو 23 % من الإنفاق على السلع الفاخرة بداية العام، مقارنة بـ 33 % قبل الجائحة، حسبما قال محلل في “بلومبرغ” أخيرا.
ذكرت إل في إم إتش، أكبر مجموعة للسلع الفاخرة في العالم، أن الإيرادات من آسيا، باستثناء اليابان، انخفضت 6 % في الربع الأول مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. أصدرت كيرنج، شركة التجزئة الفاخرة التي تمتلك جوتشي، تحذيرا بشأن الأرباح بسبب السوق الصعبة في الصين.
وفي تقرير صدر في أبريل، كتب محللو نومورا أن المستهلكين الصينيين الأصغر أصبحوا أقل شغفا بالمنتجات الأجنبية الفاخرة، ويبدو الآن أنهم يفضلون البدائل المحلية المنخفضة التكلفة.
وذكرت ستاربكس في أبريل أن الانتعاش الأبطأ من المتوقع في الصين سيؤدي إلى انخفاض النمو السنوي هذا العام. وفي سبيل التغلب على الشركة الأمريكية، تقدم لوكين كوفي – أكبر سلسلة قهوة في الصين – عروضا جذابة.
تسهم المشاعر الوطنية في الميل نحو المنتجات المحلية، كما توضح الزيادة الكبيرة في هواتف هواوي وسط انخفاض مبيعات آيفون، وتفضيل سيارات بي واي دي الكهربائية على تسلا، وفقا لمحللي نومورا.
وأشار المحللون إلى أن المستهلكين لا يطيقون السعر الأعلى للعلامات التجارية الأجنبية في وقت تمر فيه الصين بتحول اقتصادي صعب، مع تباطؤ نمو الدخل وارتفاع مخاطر البطالة. لكن رغم العتمة، ثمة براعم خضراء في ساحة الاقتصاد الصيني. من المتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي من 12700 دولار في 2023 إلى 18 ألف دولار بحلول 2030 – ويرجح أن يعزز الطلب على الذهب في المستقبل.
علاوة على ذلك، يشجع اليوان الصيني الضعيف المستهلكين على شراء الذهب بمدخراتهم للتحوط ضد مخاطر العملة.
كان معدل الادخار في الصين نحو 32 % في العام الماضي – مقارنة بنحو 4 % في الولايات المتحدة، وفقا لتحليل أجرته شركة ماكينزي لبيانات رسمية.
كتبت الشركة في أبريل: “مع استمرار تراجع معنويات المستهلكين، يفضل المستهلكون إيداع أموالهم في البنك بدلا من إنفاقها، ما يرفع معدل الادخار”.